بقلم: يوسف الوراق
أصدرت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء حكماً قضائياً زلزالياً في المشهد السياسي المحلي، حيث قضت بعزل رئيس جماعة لكفاف بإقليم خريبكة وعضو آخر من مجلس الجماعة، وذلك استجابة لطلب تقدم به عامل الإقليم. ويأتي هذا القرار ليؤكد على الدور الرقابي للقضاء الإداري في ضمان شرعية ونزاهة تدبير الشأن العام المحلي.
تفاصيل الحكم وإجراءات التنفيذ الفوري
شمل الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية شقين رئيسيين يتعلقان بالمعنيين بالأمر:
بالنسبة لرئيس الجماعة: قضى الحكم بعزله من منصبه كرئيس، بالإضافة إلى سحب عضويته من مجلس الجماعة بشكل كامل.
بالنسبة للعضو: قضى القرار بعزله من عضويته في المجلس الجماعي.
ومن أبرز ملامح هذا الحكم هو اشتراطه التنفيذ الفوري بعد تبليغه للجهات المعنية، مما يعني ضرورة مباشرة الإجراءات الإدارية والقانونية دون أي تأخير، لضمان استمرارية سير مصالح الجماعة. وقد بنيت المحكمة قرارها بعد مراجعة دقيقة لوثائق الملف المعروض عليها والاستماع إلى دفوعات جميع الأطراف، ليصبح القرار بذلك نتيجة لتحقيق قضائي مستفيض.
السياق القانوني والرقابة على الشأن المحلي
يُعد هذا النوع من الأحكام ترجمة عملية للمقتضيات القانونية التي تمنح للسلطات الإقليمية، ممثلة في العامل، صلاحية إحالة ملفات تتعلق بوجود خروقات أو تجاوزات خطيرة أو إخلال بمهام التدبير العمومي على القضاء الإداري. ويهدف اللجوء إلى القضاء الإداري في هذه الحالات إلى:
ضمان شرعية تدبير الشأن المحلي: التأكد من أن المنتخبين يمارسون مهامهم وفقاً للقوانين والأنظمة المعمول بها.
حماية المصلحة العامة: منع أي انحراف في تسيير موارد الجماعة أو قراراتها قد يضر بمصالح الساكنة.
ويُرسخ الحكم مبدأ المساءلة وربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث يوضح أن أي إخلال بالواجبات المنوطة بالمنتخب يمكن أن يعرض صاحبه لأقصى العقوبات الإدارية والقضائية، وهي العزل من المهام التمثيلية.
المرحلة القادمة: تدبير ما بعد العزل
مع تفعيل قرار العزل الفوري، تتحول الأنظار نحو الإجراءات الإدارية التي ستباشرها المصالح الترابية (عمالة إقليم خريبكة) لتأمين استمرارية العمل داخل جماعة لكفاف. وتتضمن هذه المرحلة عادةً خطوتين أساسيتين:
تصريف الأمور الجارية: يتم تعيين من يتولى مؤقتاً تسيير الأعمال اليومية للجماعة حتى انتخاب رئيس جديد.
إجراءات الانتخابات: يجب الشروع في المساطر القانونية اللازمة للدعوة إلى انتخاب رئيس جديد للمجلس، وفقاً لأحكام القانون التنظيمي للجماعات. كما ستتم الدعوة لملء المقعد الشاغر للعضو الذي تم عزله، ما لم تنص القوانين على غير ذلك.
رسالة الحزم القضائي
يمثل حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في قضية جماعة لكفاف إشارة قوية وحاسمة على أن آليات الرقابة القضائية والإدارية فاعلة ومستعدة للتدخل متى اقتضت الضرورة ذلك، لضمان سلامة المؤسسات المنتخبة وحماية الديمقراطية المحلية من أي خروقات.
أضف تعليقك
من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.
تعليقات
0