صوت صغير وعقل كبير.. طفل يحتج بطريقته الحضارية والخاصة بمدينة وادي زم

صوت صغير وعقل كبير.. طفل يحتج بطريقته الحضارية والخاصة بمدينة وادي زم
23:11 الأربعاء 01 أكتوبر 2025

 

بقلم: يوسف الوراق

​في زاوية من زوايا ساحة الشــ.ـهداءبمدينة وادي زم، بعيدًا عن صخب التظاهرات المألوفة، وقف طفل صغير حاملاً لافتة كُتبت عليها بخط ربما لم يتقن بعد قواعده تمامًا، لكن الرسالة كانت واضحة وصارخة: "لا للتصاحيب، نعم للصحة والتعليم". هذا المشهد البسيط، الذي قد يمر مرور الكرام على الكثيرين، يحمل في طياته دلالات عميقة تكشف عن وعي مبكر بقضايا مجتمعية كبرى. هذا الطفل لم يستخدم الهتافات الصاخبة أو إغلاق الطرق، بل اختار الاحتجاج بطريقته الخاصة التي لا يمكن تجاهلها.

​اللافته: لغة البراءة والحاجة
​اختيار الطفل لهاتين الكلمتين تحديدًا: "التصاحيب" و "الصحة والتعليم"، يلخص أزمة مجتمعية متفشية ومطلبًا أساسيًا للحياة الكريمة. كلمة "التصاحيب" (التي تُفهم في سياقات عديدة على أنها الوساطة، المحسوبية، أو المحاباة غير العادلة) هي مرادف لغياب تكافؤ الفرص، يرى الطفل، ببراءته وفطرته، أن هذا السلوك هو العائق الأكبر أمام تحقيق مستقبل أفضل، ليس له فحسب، بل لأقرانه وكل من حوله. هو يدرك أن النجاح يجب أن يكون مرهونًا بالكفاءة والجهد، لا بالقرابة أو المعرفة.
​في المقابل، تأتي كلمة "نعم للصحة والتعليم" كمطلب بديهي وجوهري. هذان القطاعان هما ركيزة بناء الإنسان والمجتمع. عندما يطالب الطفل بهما، فإنه يطالب بحقه الأساسي في حياة آمنة ومستنيرة. هو يطالب بمدرسة ذات جودة، وبمستشفى يستجيب لحاجته دون تمييز. هذا الاحتجاج هو في جوهره صرخة من أجل العدالة الاجتماعية وتوزيع الموارد على أسس سليمة ومنصفة.
​الاحتجاج الصامت: قوة البساطة
​إن قوة احتجاج هذا الطفل تكمن في بساطته وعفويته. لم يُلقّن هذا المطلب، بل نبع من إحساس فطري بالظلم أو الحاجة. الوقوف بلا صوت، والاكتفاء باللافتة، يمنح الرسالة عمقًا هائلاً. إنه يمثل صوت الفئة الأكثر ضعفًا والأكثر تأثرًا بسوء الإدارة والفساد: جيل المستقبل.
​هذا الطفل هو تذكير للمجتمع بأسره، وخصوصًا صناع القرار، بأن القضايا الكبرى لا يمكن أن تظل حكرًا على الكبار أو النخب. عندما يرفع طفل لافتة تطالب بالصحة والتعليم، فإنه يضع المجتمع أمام مسؤوليته الأخلاقية والقانونية تجاه الأجيال القادمة. فهل سنستمع لصوت البراءة هذا، ونتخذ خطوات حقيقية لمواجهة "التصاحيب" وضمان حق الجميع في "الصحة والتعليم"؟ أم سنسمح لهذه اللافته أن تتحول إلى ذكرى عابرة.

أضف تعليقك

‫‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم‬.

‫تعليقات

0
صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 15:31

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 15:28

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 13:15

صوت وصورة
الأربعاء 06 غشث 2025 - 13:14

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:37

صوت وصورة
الخميس 12 شتنبر 2024 - 12:35